PDF Creator
Back to Book
PDF Size
Text Size
24px

الفارسي الذي تكلم بالقافية: قصة في الفنون واللغة العربية- سميرة المحمدي

ذات مرة، في مدينة بغداد الصاخبة، عاش صبي فارسي صغير اسمه علي. كان لديه شعر داكن مجعد، وعيون زرقاء لامعة، وابتسامة تدفئ قلوب كل من التقى به

1

عاش علي مع عائلته في منزل صغير بالقرب من قلب المدينة. كان منزلهم يقع وسط سوق مزدحمة، حيث ملأت الألوان النابضة بالحياة والروائح الغريبة الهواء

2

في كل يوم، كان علي يراقب التجار وهم يساومون على الأسعار ويعرضون بضائعهم. كان يسمع لحن اللغة العربية الجميل وهو يتجول في الشوارع الضيقة، فيأسر عقله الشاب

3

أحب علي التعلم وقضى ساعات لا تحصى مدفونًا في الكتب. كانت غرفته مليئة بمجموعة من الكتب حول مواضيع مختلفة، من التاريخ إلى الشعر، لكن اللغة العربية هي التي أثارت اهتمامه أكثر

4

في أحد الأيام، أثناء استكشافه للمكتبة الكبرى في المدينة، التقى علي برجل عجوز حكيم ذو لحية بيضاء طويلة وعينين لطيفتين. لاحظ الرجل افتتان علي باللغة العربية فاقترب منه مبتسما

5

بدأ الرجل الحكيم يروي لعلي قصة رائعة عن أصول اللغة العربية. وأطلعه على خريطة توضح الدول المختلفة ولغاتها، مشيراً إلى مدى انتشار اللغة العربية وتأثيرها عبر العصور

6

عندما بدأت الشمس تغرب، قاد الرجل الحكيم علي إلى خارج المكتبة وأشار نحو الأفق. أمامهم امتدت المناظر الطبيعية الصحراوية الجميلة مع الكثبان الذهبية الشاسعة، التي يغمرها الوهج الدافئ للشمس الغاربة. وعدت سماء الليل المرصعة بالنجوم بأسرار لا حصر لها مخبأة بداخلها

7

تلا الحكيم بضعة أبيات من الشعر العربي، واستمع علي باهتمام. بدت الكلمات الإيقاعية وكأنها تتراقص في الهواء، ويتردد صداها في الصحراء الشاسعة. شعر علي أن روحه تستيقظ على جمال وقوة اللغة العربية

8

ومنذ ذلك اليوم كرّس علي نفسه لإتقان اللغة العربية. لقد درس باجتهاد، ومارس التحدث، وانغمس في الثقافة الغنية التي أحاطت به. لمعت عيناه بالعزم والإثارة وهو ينطلق في رحلة مدى الحياة لاستكشاف لغة الشعر والفنون

9